تامر الجندي ..يكتب « الاحتراق الوظيفي.. صرخة صامتة في بيئة العمل»
الاحتراق الوظيفي لم يعد مجرد مصطلح يُستخدم في بيئات العمل؛ بل أصبح واقعًا يعاني منه كثيرون في مختلف المجالات إنه ليس فقط شعورًا بالتعب أو الإرهاق العابر، بل حالة مزمنة من الاستنزاف البدني والنفسي، وهو في جوهره يعكس ضغط العمل المستمر الذي يُثقل كاهل الموظف ويُفقده حماسه وإبداعه.
هذا القاتل الصامت لا يُحسن التمييز بين الأشخاص أو القطاعات ووفقًا لإحصائيات عالمية، يُشير تقرير من منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 40% من الموظفين حول العالم يعانون من مستويات متفاوتة من هذا الاحتراق ولا شك أن هذه النسبة تعكس حالة غير صحية تتطلب الانتباه، حيث يتأثر الأداء الفردي والجماعي داخل المؤسسات بشكل كبير.
تبدء شرارة الاحتراق عادة من تراكم المهام والضغوط وعدم التقدير المادي وضعف الاجور للموظف، الذي كان في البداية شغوفًا بعمله، يجد نفسه غارقًا في واجبات وضغوطات في العمل لا تنتهي مما يؤدي إلى فقدان التوازن بين حياته الشخصية والمهنية ومع مرور الوقت، يتحول هذا الضغط إلى استنزاف فكري وعاطفي ينعكس على إنتاجيته وحالته النفسية وعندما نلقي نظرة على بيئة العمل نفسها، نكتشف أن هناك العديد من العوامل التي تسهم في هذا الاحتراق إذا غاب التقدير وافتقد الموظف للدعم الكافي، ليصبح من الصعب عليه الاستمرار بنفس الحافز الذي بدأ به مع غياب المرونة في العمل وعدم القدرة على التحكم في أوقات المهام يساهمان بشكل كبير في تفاقم المشكلة.
وهنا سؤال يفرض نفسة علينا كيف يمكننا الخروج من هذا المأزق؟
يا عزيزي المدير يا أصحاب المؤسسات الاحتراق الوظيفي لا يمكن معالجته بنهج فردي فقط الحل يبدأ منكم يتعين عليكم أن تكونوا أكثر من مجرد مشرفين على سير العمل ، المدير هو الشخص الذي يؤثر بشكل كبير في بيئة العمل ويجب أن يكون على وعي كامل بحالة فريقه.
في رأيي، يجب على المدير أن يتحلى بالقدرة على الاستماع للموظفين وعمل اللقاءات المنتظمة مع الفريق لمناقشة التحديات والضغوط وتُعد خطوة مهمة في بناء بيئة عمل صحية كما أن الاعتراف بالجهود ، حتى وإن كانت بسيطة، على المؤسسات وضع نظام خلق ثقافة دعم وتشجيع بين الموظفين وتحديد الأهداف بوضوح وتجنب تحميل الموظفين أعباء غير معقولة. يمكن أن يحدث فارقًا كبيرًا قد يكون تكريم الموظف أو حتى كلمة شكر صادقة من المدير هي ما يحتاجه الموظف ليستعيد حماسه.
من جانب آخر، تخفيف الضغوطات عن طريق تحديد الأهداف بوضوح وتجنب تحميل الموظفين أعباء غير معقولة و تشجيع التواصل المفتوح حول الضغوطات ، تعزيز التعاون بين الفريق عن طريق تنظيم أنشطة بناء الفريق لتعزيز العلاقات وتشجيع العمل الجماعي وتقاسم المسؤوليات و تقييم الأداء بشكل عادل وذلك عن طريق استخدام معايير واضحة وعادلة لتقييم الأداء وتقديم ملاحظات بناءة ودعم تحسين الأداء.
كل ذلك يمكن أن يساعد في تقليل الضغوط اليومية ويعزز شعور الموظف بأنه يُقدر بالفعل إلى جانب ذلك، من الضروري أن تقدم المؤسسات برامج تدريبية وتطويرية تُساعد الموظفين على اكتساب مهارات جديدة لإدارة الوقت والتعامل مع الضغوط ، ورش العمل التي تركز على أساليب إدارة الضغوط تعتبر من الأدوات الفعالة في هذا الصدد.
في الختام، يُمكن القول إن المدراء هم العامل الرئيسي في الحد من الاحتراق الوظيفي داخل المؤسسات. إذا أدركوا دورهم الفعّال في توفير بيئة تشجع على التقدير والراحة النفسية، فإنهم سيساهمون في خلق بيئة عمل منتجة ومستدامة. هل حان الوقت للمديرين لكي يسألوا أنفسهم: كيف يمكنني أن أكون قائدًا يلهم فريقه ويساعده على تجنب الاحتراق؟
هل نسمح لأنفسنا أن نبقى أسرى للضغوط المستمرة، أم حان الوقت للاستماع إلى صرخة الاحتراق الصامتة في بيئة العمل؟