الثورة الجديدة من النعيمة وجميل إلى البقرة والقطار
شكرًا لكم على متابعة الثورة الجديدة من النعيمة وجميل إلى البقرة والقطار وللمزيد من التفاصيل
قد لا تصدق ـ إن كنت من مواليد 2000 وما وفوق ـ أن صالح النعيمة وأحمد جميل ورياض الأحمري وحتى حسين عبد الغني، كانت لديهم مهمة شبه رسمية تتمثل في تسديد الكرة بكل قوة من ضربة المرمى إلى ملعب الخصم من أجل بناء هجمة أو صناعة لعب.
في الملز، لا عجب أن ترى الحارس صالح السلومي يثبت الكرة للقائد الفذ صالح النعيمة حتى يرسلها إلى الضفة الأخرى، لعلها تجد من يتحصل عليها، ويبدأ هجمة للهلال.. هذا المشهد المألوف يمكن رؤيته أيضًا في النصر مع الأحمري وفي الأهلي مع عبد الغني.
كما لا ريب أن يطلب حسن خليفة الحارس الاتحادي من «السد العالي» جميل إرسال الكرة إلى الأمام وإيصالها إلى منتصف ملعب المنافس بحثًا عن محمد السويد أو صلاح المولد، وعلى الأرجح دائمًا تجد رأسًا طائشة تحولها إلى رمية جانبية أو تعيدها إلى دائرة المنتصف.. هكذا كان اللعب في الثمانينيات والتسعينيات وحتى مطلع الألفية، ليس محليًا فحسب، بل على مستوى العالم قاطبة في الأغلب قبل أن يقلب الإسباني بيب جوارديولا الموازين بحمله لواء ما يعرف بـ«بناء اللعب من الخلف» بصورة لافتة، أكثر من سواه، ومانحًا «التيكي تاكا» حياة تملؤها الدهشة.
الطريقة الجديدة،التي طغى تطبيقها في الأعوام الأخيرة، يرى كثيرون أنها الأبرز في النهج التكتيكي، وشكل مطور باذخ الجمال والسحر من ثورة الكرة الشاملة بقيادة الأسطورة الهولندي يوهان كرويف في أياكس أمستردام الناصة على أن كل لاعب بإمكانه شغل مركز آخر باستثناء الحارس طبعًا.
فلسفة جوارديولا للأقوياء والمهاريين فقط.. للشجعان، للواثقين الثقات فحسب.. يجب على الجبناء والضعفاء ألا يجربونها أو يحاولوا تقليدها حتى في الحواري، لأن الثمن سيكون غاليًا وهو ما دفعه المدرب الإسباني نفسه، لكنه لم يثنه عن المضي قدمًا بأفكاره المجنونة مع برشلونة، حتى وإن كان ذلك أمام ملك أوروبا ريال مدريد، وعلى مسرح البيت الأبيض حين سجل كريم بنزيما، قائد النمور الحالي، أسرع هدف في تاريخ الكلاسيكو، مستفيدًا من خطأ الحارس فيكتور فالديز بالتمرير إلى أنخيل دي ماريا قبل أن يحتفل في النهاية النادي الكاتالوني بالنصر 3ـ1.
تعتمد استراتيجية البناء من الخلف على الموهبة والقوة والبراعة، خاصة في منطقة الجدار الأخير بما فيه اللبنة الأولى حارس المرمى، متى ما كان قادر على الاحتفاظ بالكرة وتمريرها بحرفية، ودقة مجدية. وهذا ما يلخصه جوارديولا بقوله: «كرة القدم تعتمد على 30 في المئة قراءة فنية، و70 في المئة جودة لاعبين».
وليبرهن المدرب الإسباني على صحة هذا الطرح يضرب مثالًا قائلًا: «إذا أردت فهم المباراة جيدًا فقط إرمي الكرة لسيرجيو بوسكيتس »، محور الارتكاز الفذ والقارئ البارع لبناء اللعب من الخلف وليس قطع إمداد الخصوم فحسب.
ويشرح جوارديولا فلسفته التدريبية من زاوية أخرى قائلًا: «كرة القدم الجيدة هي دراسة حركات الخصم، واتخاذ القرار الصحيح، إذا كان قلب الدفاع يملك الكرة، يتحرك الجناح إلى الأمام لجذب الخصم، حينها يمرر الكرة إلى الظهير الذي يملك الآن مساحة أكبر للتحرك.. إذا كنت قلب دفاع ومهاجم الخصم يضغط علي ليغلق المساحة أمامي، فإن زميلي الآخر في قلب الدفاع لديه المزيد من الوقت والمساحة، لذا أمرر له الكرة.. عملية اللعب الموضعي هي أن تُحرّك الخصوم، ومن ثم يتخذون قراراتك بالنيابة عنك، ومن هنا نبدأ اللعب».
وأمام هذا، لا يتردد الأيقونة الأرجنتيني ليونيل ميسي أن يعلن للملأ: «جوارديولا أفضل مدرب لعبتُ تحت قيادته على الإطلاق»، بعد أن صعد معه منصات التتويج في برشلونة بين 2008 و2012، متوجًا بدوري أبطال أوروبا، والسوبر الأوروبي، وكأس العالم للأندية، والدوري الإسباني، وكأس الملك.
ويضيف ميسي عن أسلوب لعبه: «بدا الأمر سهلًا وبسيطًا للغاية لدرجة أن الجميع أراد تقليده، لكنهم فشلوا».
التمرد على النهج القديم في طريقة لعب الساحرة المستديرة يؤمن به مدرب آخر هو الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو، الذي يضع المهارة ركيزة أساسية للتفوق، رافضًا الاعتماد على الخبرة فقط، لذا يقول: «إذا لم تتمتع بالمهارة الكافية، فستبقى خبرتك من دون فائدة، ولن تساعدك في المستقبل»، ويضيف: «الخبرة مثل البقرة التي تشاهد القطار يمر من أمامها يوميًا لعشرة أعوام، لكن إذا سألت البقرة في يوم: متى سيأتي القطار؟ فلن تجيبك».. ليبقى السؤال الكبير هل تموت البقرة أو متى يدهسها القطار؟!.
المصدر / وكالات